حكاية الأعرابي والأمير






 حكاية الأعرابي وداوود بن المهلب 



قيل وقف أعرابي على باب داود بن المهلب سنة ولا يؤذن له. فلما أذن للناس إذناً عاماً ودخل في جملتهم، فقضى حوائج الناس على طبقاتهم، وبقي هو، فرفع داود رأسه وقال: ألك حاجة يا بدوي؟ فقال: نعم أصلح الله الأمير إني أتيتك ممتدحاً بأبيات من الشعر، أؤمل بكل بيت منها ألف درهم. فقال له يا داود: على رسلك، ثم دخل بيته وتقلد سيفه وخرج. وقال: قل، فإن أحسنت حكمناك، وإن لم تحسن حرمناك، فاندفع:

أمنت بداود وجود يمينه ... من الحدث المخشي والبؤس والفقر
أمنت فلا أخشى بداود نكبة ... ولا حدثاناً إذ شددت به أزري
فما طلحة الطلحات ساواه في الندى ... ولا حاتم الطائي ولا خالد القسري
له حكم لقمان وصورة يوسف ... وملك سليمان وصدق أبي ذر
فتى تهرب الأموال من جود كفه ... كما يهرب الشيطان من ليلة القدر
له همم لا منتهى لكبيرها ... وهمته الصغرى أجل من الدهر
وراحته لو أن معشار عشرها ... على البر كان البر أندى من البحر
فقال له داود: أحسن يا أعرابي، وقد حكمناك فأيما أحب إليك أن أعطيك على قدرك أو على قدري، أو على قدر الشعر، قال: بل على قدر الشعر، فأمر له على كل بيت بألف درهم وانصرف، فقال بعض جلسائه: لو استعدته أيها الأمير فاستخبرته لم اختار على قدر الشعر ولم يختر على قدرك؟ فأمر برده واستخبره على ذلك، فقال: أيها الأمير نظرت إلى الدنيا بما فيها فإذا هي لا تفي بمعشار عشر قدرك، فأشفقت أن أسألك ما لا تطيق. فقال: أحسنت والله أحسن من شعرك، وضاعف له .
الجائزة فأخذها وانصرف.

Comments

Popular posts from this blog

ماهي مبادئ الديداكتيك تابع ؟

هندسة وتدبير التعلمات : 1- كيف أدبر فضاء القسم ؟

حديث خلق الروح الاعظم :نور رسول الله حديث لم تسمعه